• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أينقص الدين هذا وأنا حي؟
    أبو آمد محمد بن رشيد الجعفري
  •  
    خلاصة بحث علمي (أفكار مختصرة)
    أسامة طبش
  •  
    موعظة وذكرى
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أعمال يسيرة وراءها قلب سليم ونية صالحة
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    {هم درجات عند الله}
    د. خالد النجار
  •  
    ما يلفظ من قول... إلا لديه رقيب عتيد (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    نهاية الرحلة
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    من غشنا فليس منا (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    نواقض الوضوء
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    خطبة: وقفات مع اسم الله العدل
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تبرؤ المتبوعين من أتباعهم
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    المتشددون والمتساهلون والمعتدلون في الجرح
    د. عمر بن محمد عمر عبدالرحمن
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿ إذ تصعدون ولا تلوون على أحد ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    التوازن في حياة المسلم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ركيزة ...
    د. خالد طه المقطري
  •  
    بين الثناء على البخاري ورد أحاديثه: تناقض منهجي ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير قوله تعالى: { كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه .... } [آل عمران: 93 - 95]

تفسير قوله تعالى: { كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه .... } [آل عمران: 93
سعيد مصطفى دياب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/9/2024 ميلادي - 15/3/1446 هجري

الزيارات: 1194

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير قوله تعالى:

﴿ كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ.... ﴾


قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [آل عمران: 93 - 95].


الطَّعَامُ: اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُطْعَمُ وَيُؤْكَلُ، وَالْحِلُّ: الْحَلَالُ، وَهُوَ مَصْدَرُ حَلَّ؛ وَمِنْهُ قوله تعالى: ﴿ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴾ [البلد: 2]؛ أَيْ حَلَالٌ بِهِ.

 

مُنَاسَبَةُ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا:

مُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَخْبَرَ في الْآيَةِ السابقةِ أَنَّ الْمَرْءَ لَا يَنَالُ الْبِرَّ إِلَّا بِالْإِنْفَاقِ مِمَّا يُحِبُّ، وإِنَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، حَرَّمَ أَحَبَّ الْأَشْيَاءِ إِلَيْهِ وَهِي لُحُومُ الْإِبِلِ، وَأَلْبَانُهَا وَتَرَكَهَا لِلَّهِ، وَكَانَ هَذَا سَائِغًا فِي شَرِيعَتِهِمْ.

 

سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَة:

سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَة مَا ثبتَ عَنِ الْكَلْبِيُّ قَالَ: نَزَلَتْ حِينَ قَالَ النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنه عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَتِ الْيَهُودُ: كَيْفَ وَأَنْتَ تَأْكُلُ لُحُومَ الْإِبِلِ وَأَلْبَانَهَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَانَ ذَلِكَ حَلَالًا لِإِبْرَاهِيمَ، فَنَحْنُ نُحِلُّهُ"، فَقَالَتِ اليهود: كل شيء، أَصْبَحْنَا الْيَوْمَ نُحَرِّمُهُ فَإِنَّهُ كَانَ عَلَى نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَكْذِيبًا لَهُمْ: ﴿ كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ الْآيَةَ[1].

 

لَمَّا افْتَرَى الْيَهُودُ الكَذِبَ بقَولهم: كُلُّ مَا نُحَرِّمُهُ الْيَوْمَ كَانَ ذَلِكَ حَرَامًا عَلَى نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْنَا، كَذَّبَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وبين أَنَّ كُلَّ الْمَطْعُومَاتِ كَانَتْ حَلَالًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ، إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

 

وَأَمَّا مَا حَرَّمَهُ الله تعالى عَلَيْهِمْ منَ الطَّيِّبَاتِ فإنما حَرَّمَهُ الله عُقُوبَةً لَهُمْ؛ كَمَا قَالَ تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾ [الأنعام: 146].

 

وقَالَ تعالى: ﴿ فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا ﴾ [النساء: 160].

 

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: حَضَرَتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْيَهُودِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، حَدِّثْنَا عَنْ خِلالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهُنَّ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلا نَبِيٌّ، قَالَ: "سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ، وَلَكِنِ اجْعَلُوا لِي ذِمَّةَ اللهِ، وَمَا أَخَذَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلامُ، عَلَى بَنِيهِ: لَئِنْ أَنَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا فَعَرَفْتُمُوهُ، لَتُتَابِعُنِّي عَلَى الْإِسْلَامِ"، قَالُوا: فَذَلِكَ لَكَ، قَالَ: "فَسَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ"، قَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنْ أَرْبَعِ خِلَالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهُنَّ: أَخْبِرْنَا أَيُّ الطَّعَامِ حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ؟ وَأَخْبِرْنَا كَيْفَ مَاءُ الْمَرْأَةِ، وَمَاءُ الرَّجُلِ؟ كَيْفَ يَكُونُ الذَّكَرُ مِنْهُ؟ وَأَخْبِرْنَا كَيْفَ هَذَا النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ فِي النَّوْمِ؟ وَمَنْ وَلِيُّهُ مِنَ المَلائِكَةِ؟ قَالَ: "فَعَلَيْكُمْ عَهْدُ اللهِ وَمِيثَاقُهُ لَئِنْ أَنَا أَخْبَرْتُكُمْ لَتُتَابِعُنِّي؟"، قَالَ: فَأَعْطَوْهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، قَالَ: "فَأَنْشُدُكُمْ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ إِسْرَائِيلَ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ، مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا، وَطَالَ سَقَمُهُ، فَنَذَرَ لِلَّهِ نَذْرًا لَئِنْ شَفَاهُ اللهُ تَعَالَى مِنْ سَقَمِهِ، لَيُحَرِّمَنَّ أَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ، وَأَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ لُحْمَانُ الْإِبِلِ، وَأَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ أَلْبَانُهَا؟"، قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: "اللهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ، فَأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلا هُوَ، الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَاءَ الرَّجُلِ أَبْيَضُ غَلِيظٌ، وَأَنَّ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ رَقِيقٌ، فَأَيُّهُمَا عَلا كَانَ لَهُ الْوَلَدُ وَالشَّبَهُ بِإِذْنِ اللهِ؟ إِنْ عَلا مَاءُ الرَّجُلِ عَلَى مَاءِ الْمَرْأَةِ كَانَ ذَكَرًا بِإِذْنِ اللهِ، وَإِنْ عَلا مَاءُ الْمَرْأَةِ عَلَى مَاءِ الرَّجُلِ كَانَ أُنْثَى بِإِذْنِ اللهِ؟". قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: "اللهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ، فَأَنْشُدُكُمْ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلا يَنَامُ قَلْبُهُ؟"، قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: "اللهُمَّ اشْهَدْ "قَالُوا: وَأَنْتَ الْآنَ فَحَدِّثْنَا: مَنْ وَلِيُّكَ مِنَ المَلائِكَةِ؟ فَعِنْدَهَا نُجَامِعُكَ أَوْ نُفَارِقُكَ؟ قَالَ: "فَإِنَّ وَلِيِّيَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَلَمْ يَبْعَثِ اللهُ نَبِيًّا قَطُّ إِلا وَهُوَ وَلِيُّهُ " قَالُوا: فَعِنْدَهَا نُفَارِقُكَ، لَوْ كَانَ وَلِيُّكَ سِوَاهُ مِنَ المَلائِكَةِ لَتَابَعْنَاكَ وَصَدَّقْنَاكَ، قَالَ: "فَمَا يَمْنَعُكُمْ مِنْ أَنْ تُصَدِّقُوهُ؟" قَالُوا: إِنَّهُ عَدُوُّنَا، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 97]»[2].

 

﴿ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾: لَمَّا أنكروا وجحدوا أنَّ كُلَّ الطَّعَامِ كَانَ حَلَالًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ، وأنَّ مَا حَرَّمَ الله تعالى عَلَيْهِمْ بعضَ الطَّيِّبَاتِ عُقُوبَةً لَهُمْ، أمر الله تعالى رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ يأمرهم بِإِحْضَارِ كِتَابِهِمُ الَّذِي فِيهِ شَرِيعَتُهُمْ التَّوْرَاةِ فامتنعوا، وَهَذِهِ أَعْظَمُ حُجَّةٍ عليهم، لأنَّهَا لَيْسَ فِيهَا مَا ادَّعَوْهُ، بَلْ فيها مَا أَخْبَرَهم بِهِ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

﴿ فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ﴾: الِافْتِرَاءُ: اخْتِلَاقُ الْكَذِبِ، وهو افْتِعَالٌ مِنْ الْفَرْيِ للْمُبَالِغَةِ فِي الْكَذِبِ، وَأَصْلُهُ مِنْ فَرْيِ الْأَدِيمِ، وَهُوَ قَطْعُهُ، وَقِيلَ لِلْكَذِبِ افْتِرَاءٌ؛ لِأَنَّ الْكَذَّابَ يَخْتَلِقُهُ وَيَقْطَعُ بِهِ مَعَ عَدَمِ وُجُودهِ.

 

لَمَّا أمرهم النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ لتكون فَيْصَلًا في النزاعِ، وحكمًا في الخلافِ، فلما امتنعوا من ذلك قامت عليهم الحجةُ، وتبيَّنَ كذبُهُم، فتوعدهم اللهُ تعالى على افترائهم على دينه، واستحلالهم الكذب عليه تعالى، بعدَ قيام الحجة عليهم.

 

﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾: فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ في تَحْلِيلٍ أوْ تَحْرِيمٍ، أَو اعْتِقَادٍ فهو ظَالمٌ معتدٍ أثيمٌ، مستوجبٌ للعقابِ، وَالظُّلْمُ: وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، والمرادُ به هُنَا الْكُفْرُ.

 

﴿ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ ﴾؛ أَيْ: قُلْ لهم يَا مُحَمَّدُ: صَدَقَ اللَّهُ فِي كُلِّ مَا أَخْبَرَنَا بِهِ مِنْ خَبَرٍ، وَمِنْ ذلكَ قَوْلُهُ: ﴿ كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [آل عمران: 93]، وَصَدَقَ اللَّهُ فِيمَا شَرَعَهُ لنَا مِنْ أَحْكَامٍ، وَأَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ كَذَبَةٌ مفترون على الله تعالى.

 

﴿ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ﴾: ثم أَمَرَهم اللَّهُ سُبْحَانَهُ على لسان نَبِيَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يدينوا دين الحقِّ، وَيَتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا، إذا أرادوا الهدى، فإِنَّهُ الدِّينُ الَّذِي ارْتَضَاهُ اللَّهُ تعالى لِأَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ، ولا يتحقَّق لهم ذلك إلا باعتناق الْإِسْلَامِ، والالتزام بشرائعه، وهو دين التوحيد الخالص الذي لا شرك فيه.

 

﴿ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾: مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، بل كان حَنِيفًا موحدًا لله تعالى، وفي الكلام تعريض باليهود والنصارى الذين أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانًا.

 

الأَسَالِيبُ البَلَاغِيةُ:

من الأَسَالِيبِ البَلَاغِيةِ في الآياتِ: الحذفُ في قوله: ﴿ كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾؛ أي: كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ أكْلُهُ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ.

 

والاستثناءُ المتصلُ في قوله: ﴿ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ ﴾، أي: إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ وهو يعقوبُ عليِهِ السلامُ عَلَى نَفْسِهِ.

 

ووضعُ الظاهرِ موضعَ المضمرِ في قوله: ﴿ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ ﴾، ولم يقل: (فأتوا بها)؛ لتأكيدِ افترائهم على الله تعالى، وبيانِ تحريفهم نصوصَ التوراةِ.

 

والطباقُ في: (صَادِقِينَ)، و(الْكَذِبَ).

 

وجناس الاشتقاق في: (صَادِقِينَ)، و(صَدَقَ).

 

والإشارة بـ(أُولَئِكَ) في قوله: ﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ للإيذانِ ببُعد منزلِتهم في الضلال والطُغيان.

 

والتخصيص في قوله: ﴿ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾؛ أي: لا أحدَ أحق بوصف الظلم من هؤلاء.



[1] انظر أسباب النزول للواحدي (ص: 115).

[2] رواه أَحْمَدُ، حديث رقم: 2471، والطبراني في الكبير، حديث رقم: 13012، وأبو داود الطيالسي، حديث رقم: 2854، بسند حسن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير قوله تعالى: {من قتل نفسا بغير نفس}
  • تفسير قوله تعالى: { صراط الذين أنعمت عليهم }
  • تفسير قوله تعالى: { غير المغضوب عليهم }
  • تفسير قوله تعالى: ولا الضالين
  • تفسير قوله تعالى: {أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم}
  • في تفسير قوله تعالى: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور}
  • تفسير قوله تعالى: {إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا ...}
  • في تفسير قوله تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج ودراسة أحاديث مواهب الرحمن في تفسير القرآن للشيخ عبد الكريم المدرس (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفسر وتفسير: ناصر الدين ابن المنير وتفسيره البحر الكبير في بحث التفسير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثالثة: علاقة التفسير التحليلي بأنواع التفسير الأخرى)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/2/1447هـ - الساعة: 16:45
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب